من المؤكد أن تعلم اللغة الإنجليزية أصبح يزاحم بشكل كبير اللغة الفرنسية، خصوصا في القطاع الخاص والمعاهد الخاصة، لكن، وبشكل رسمي، لا زالت اللغة الفرنسية هي اللغة الثانية في المغرب.
هذا المعطى يبدو أنه بدأ يتزحزح قليلا، بعد عقود على الاستقلال، وهناك إرهاصات بأن المغرب يسير في توجه قد يوصل قريبا إلى مرحلة اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة ثانية والتخلي عن الفرنسية.
أقوى هذه الإرهاصات كان التصريح الأخير لشكيب بنموسى، وزير التربية الوطني والتعليم الأولى والرياضة، الذي صرح أن هناك نية لتوسيع قائمة المدارس التي تعتمد اللغة الإنجليزية، ثمّ تهيئة الظروف لكي تكون لغة لتدريس العلوم "مثل الفرنسية".
كما كشف الوزير، في ندوة صحافية صباح الثلاثاء 06 شتنبر، أن تدريس اللغة الإنجليزية متوفر في 2200 مؤسسة تعليمية بمجموع مدرّسين يبلغ 9000 آلاف مدرّس، موضحا أيضا أن هناك إقبالا واضحا على الإنجليزية من طرف التلاميذ المغاربة، مشددا على "أهمية تطوير الجانب اللغوي في المغرب، خصوصا تعلم الانجليزية".
ووفق بنموسى دائما، فإن اللغة الانجليزية تحظى بمكانة مهمة وطلب كبير، "وانطلاقا من هذا الموسم سيكون هدف الوزارة هو توسيع شريحة تلاميذ المستويات الإعدادية للتمكن من اللغة الانجليزية، وذلك عبر الرفع من عدد أساتذتها وتوظيفهم، وكذلك فتح منصات للتلاميذ من أجل تعلم هذه اللغة".
المسؤول الحكومي شدّد على أن هناك إمكانية لتدريس مجموعة من المواد العلمية بالإنجليزية مستقبلا، مؤكدا أنها لغة تمكن التلاميذ من معرفة ما يدور حولهم في العالم، "وعلينا أن نسير في هذا الاتجاه" بتعبيره.
عبارات قوية وتصريحات غير مسبوقة من طرف مسؤول حكومي مسؤول بشكل مباشرة على القطاع. فهل بدأ المغرب حقّا توجها رسميا نحو اعتماد الإنجليزية ونبذ الفرنسية؟
الظروف السياسية، خصوصا، تجيب عن هذا السؤال بنعم. فالخلاف مع الجانب الفرنسي مستمر، ولا يوجد مؤشر بأن الأمور تسير إلى الأمام، ومما لا شك فيه أن ما هو سياسي ينعكس على ما هو اجتماعي بالضرورة.
من جانب آخر، فإن التقارب الأمريكي المغربي، وعلى رأسه اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، يبدو جليا ومستمرا بآفاق واعدة، وبمصالح متبادلة، وما ينطبق على التنافر ينطبق على التقارب، فاعتماد لغة شريك واضح للمملكة يبقى دائما أفضل من لغة "شريك غامض" أو غير واضح.
على الجانب الشعبي، سبق لعدد من النشطاء المغاربة أن أطلقوا حملة رقمية من خلال وسم "نعم للإنجليزية لا للفرنسية"، والذين أوردوا في أكثر من منشور متداول أن الفرنسية تحتل اليوم المرتبة التاسعة في قائمة اللغات الأكثر انتشاراً في العالم، بينما تأتي اللغة الإنجليزية أولاً في الترتيب.
بل إن إدوارد فيليب، رئيس الوزراء الفرنسي السابق، سبق أن كتب في تغريدة له على حسابه الرسمي على تويتر على أن "تعلم الإنجليزية هو الطريق الصحيح لضمان مستقبل أفضل".
وقد سبق للمركز الثقافي البريطاني أن أجرى مؤخراً دراسة استقصائية مستقلة كشفت أن أزيد من نحو ثلثَي الشباب المغاربة على اقتناع تام بأن اللغة الإنجليزية ستنجح خلال السنوات الخمس القادمة في أخذ مكان اللغة الفرنسية بوصفها اللغة الأجنبية الأولى في المغرب.
إن التوجه العام، لحدّ اللحظة، يقول أن "المرحلة الأولى" للتوجه نحو اعتماد الإنجليزية قد بدأت، في انتظار المرحلة الثانية والتوجه رسميا نحو لغة العلم واللغة الأولى في العالم، من أجل مستقبل أفضل للمغاربة وللمغرب.